في هذا المقال، الذي كُتب في سياق الجدل الذي أثارته الرسوم 
الكاريكاتورية للرسول محمد ﷺ، اختار لويس إمبرت صحافي وكاتب بجريدة لوموند 
الفرنسية، أن يتناول موضوع الرسوم المجسدة للرسول، حيث يظهر عبر التاريخ 
والنصوص المقتطفة من الدين الإسلامي، سواء منها نصوص القرآن أو الحديث، أنه
 لم يحصل تحريم لرسم النبي أو أيٍ من الأنبياء الذين تعترف بهم الديانة 
الإسلامية.
 
وهذا نص المقال مترجما:
 استهل لويس مقاله بتسليط الضوء على النصوص الإسلامية، بادئاً بالقول إن
 ''القرآن لا يمنع رسم النبي، ولا رسم البشر بشكل عام. ففي مجتمع شبه 
الجزيرة العربية إبّان القرن السابع الميلادي، حيث كانت الصورة عنصرا 
غائبا، نزل نص قرآني يقول "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر 
والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه"، ولفت الكاتب الانتباه إلى
 أن الآية لم تذكر الرسم أبداً، ولا في بقية آيات الكتاب.
 انتقل لويس من القرآن الكريم إلى السنة النبوية، التي عرّفها بكونها 
"تجميعا لأقوال وأفعال النبي محمد، وقد تناولت بالتحريم مجموعة من الأمور، 
لكنها لم تحظر أبداً تمثيل النبي، بل تُعرف بموقفها المعارض لتمثيل البشر 
والحيوانات بصفة عامة، فهذه الصوّر تعتبر مشبوهة في نظر السنة لتشبيهها 
بالأصنام''.
 وانتقل الكاتب إلى الأحاديث التي رواها البخاري، والتي تُبِرز حسبه 
'ثلاثة مواقف ممكنة اتجاه الصور والرسم: الامتناع عن إنتاجها، إدانتها، أو 
تدميرها. ثم يعود الكاتب عبر التاريخ إلى مرحلة القرن التاسع عشر، الذي 
قالت حوله سيلفيا نايف، أستاذة في قسم الدراسات العربية في جامعة جنيف، إنه
 ''قد ساد خلاله اتفاق لدى علماء الدين بكون التصوير الفوتوغرافي والسينما 
فنون مقبولة، لأنها لا تفعل شيئا سوى رسم أو إعادة تصوير ما خلقه الله. 
خلافاً لاعتقاد الوهابية، المذهب الصارم الذي ظهر في القرن الثامن عشر، 
وتحديداً في المملكة العربية السعودية، وهو الذي يتقبل الفنون المذكورة".
 
الرسومات خارج أماكن العبادة
 ناقش الكاتب في هذا الجزء من المقال، فكرة ''التقليد السائد في الدين 
الإسلامي المانع للصور، كما هو الحال في اليهودية، بحيث يستحيل إيجاد الصور
 داخل أماكن العبادة، ولكن هذا لا يمنع متبعيها من وضعها في المنازل أو حتى
 في الشوارع، أي في "الفضاء المدنس".
 ويرجع الكاتب للتاريخ مرة أخرى مستحضرا ''جدران قصور الخلفاء الأمويين 
في دمشق (661-750)، التي زُيّنت بلوحات مساكن أرستقراطية، كما زينت 
حمَّاماتها بمشاهد الصيد التي تصوّر البشر والحيوانات، بالإضافة إلى العديد
 من الشخصيات المقدسة، بل وحتى صورا للنبي في الهند من الفترة المغولية وفي
 فترة الإمبراطورية العثمانية وبلاد فارس، وأيضا ما بين القرن الثالث عشر 
إلى القرن الثامن عشر، إذ وردت في سجلات ومصنفات أدبية بالإضافة إلى 
الشعر''.
 ووفقا للمؤرخ الفني كريستيان جروبر الذي يستشهد به لويس، ''يظهر النبي 
في المنمنمات الفارسية في عدد من التشكيلات النمطية. فهناك لوحات كلاسيكية 
تُظهره على العرش، محاطا بالملائكة، كما أنه رُسم مع الأنبياء السابقين. 
كما أوضح الكاتب أنه قد تم رسم النبي محمد أيضاً في نصوص تتحدث عن المعراج 
من مكة إلى القدس عبر السماوات، وهو يجلس على قبة الصخرة في القدس، بينما 
تظهر في الأسفل رسوم تعبر عن باقي الأنبياء مجتمعين.
 ومنذ القرن السادس عشر، يقول لويس، صار رسم النبي تختفي فيه ملامح 
وجهه، حيث يتم تغطيتها بالبياض، أو برموز تبرز قدسية وجهه. واستشهد الكاتب 
بتفسير لكريستيان جروبر لهذه الصور، حيث اعتبرها انعكاسا لنزعة صوفية تسود 
الفكر الإسلامي، عرف من خلالها النبي محمد بـ "النور النبوي". الفكرة نفسها
 تجسد اليوم في التعليم الديني في كتب مصورة للأطفال في إيران.
 
الرسومات الدينية والشعبية التي تمثل النبي في إيران
 وتحدث لويس عن أنه منذ القرن التاسع عشر، والصور تتكاثر في جميع أنحاء 
العالم الإسلامي، خاصة بين الشيعة في إيران، حيث تنتشر الصور الدينية، التي
 تمثل محمد والأئمة الاثني عشر، الذين يظهرون في لافتات في شوارع بغداد 
وطهران يوم عاشوراء، خلال ذكرى استشهاد الإمام الحسين، بل وتظهر دمى تمثل 
حتى هذا الأخير في بعض الأحيان وسط المواكب.
 هذه الصورة المدهشة، تباع اليوم في جميع أنحاء إيران مصوّرة فترة من 
عمر النبي، قبل أن يبدأ في الكشف عن رسالته، وهي ذات الرسوم التي تحاول 
الحكومة الإيرانية مؤخرا الحد من انتشارها، يقول الكاتب.
 رجال الدين الشيعة يتسامحون مع موضوعات التأمل هذه، كما يؤكد لويس، 
ولكنهم يمنعون أن يصلى أمامها الصلوات الخمس، بالإضافة إلى أن هناك إشارة 
على موقع ''الكبير آية الله علي السيستاني''، المرجع الشيعي الأعلى في 
العراق، تُظهر فتوى تجيز رسم النبي ولكن بشكل لا يتسبب في إهانة شخصه 
ورمزيته.
 وعكس العالم الشيعي، يبدي العالم السني في رأي لويس عداءً قوياً بشكل 
عام عندما يتم رسم النبي، لذلك فإن أول محاولة لتجسيده في السينما سنة 1920
 في مصر، أدت إلى إدانة الفاعل، ومن هناك جاء تقليد عدم رسم النبي، دون أن 
يكون هناك أي نص ديني يحرّم تصويره، يقول الكاتب.